يقدم هذا الكتاب رؤية جديدة تماما للتشريع الجنائي الاسلامي تختلف عن كثير من كتب الفقه الاسلامي التقليدية في أنها تقوم على الغايات والمقاصد البعيدة التي تقف خلف نصوص الجرائم والعقوبات . والهدف من هذه الرؤية الجديدة هو أن ربط التشريع الجنائي بالغايات والمقاصد يجعل نصوص هذا التشريع مرنة صالحة لكل زمان ومكان وقادرة على استيعاب مستجدات الجرائم . وبالتالي يضع الفقه الاسلامي في طريق التجديد نظريا وعمليا .
ويتكون الكتاب من ثلاثة فصول ، الفصل الأول تناول سياسة التجريم في الشريعة الاسلامية ، وتم تقسيمه إلى ثلاثة مباحث ، تضمن المبحث الأول بالتفصيل ضوابط التجريم في الشريعة الاسلامية وهي مبدا لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون ، ومبدا عدم الرجعية في القانون الجنائي ، ومبدا الضرورة في التجريم ، ومبدا الابتعاد عن الهوى في التشريع ،
أما المبحث الثاني فقد خصص لمناقشة فلسفة المصلحة محل الحماية الجنائية في الشريعة الاسلامية ، فتناول بالشرح قاعدة اعتبار المصالح في الشرع والأدلة على قصد الشريعة تحقيق مصالح الناس ، وانواع المصالح في الشريعة الاسلامية ، ومكملاتها ، ثم تطرق بالشرح إلى تحديد المصلحة محل الحماية الجنائية ، وبين قصد الشارع في إطلاق وعموم المصالح ، وجهة المصلحة والمفسدة في الاشياء والافعال ، ومدى رجوع تحديد المصالح إلى الشرع وليس العقل ،وفي الأخير تناول هذا المبحث بالتفصيل فلسفة الالزام في المصالح محل الحماية الجنائية ، وما تقتضيه من ضرورة وجود الدولة ، وضوابط القيام بالمصالح العامة .
أما المبحث الثالث فقد تناول وسائل الشريعة الاسلامية لمواجهة الجرائم المستجدة ، فتناول في المطلب الأول قاعدة التعزير ، وبين ادلته من القرآن والسنة ، وضابط ومعيار التجريم في التعزير ، أما المطلب الثاني فقد تناول بالتفصيل قاعدة مآلات الأفعال ، وتضمن تمهيد في شرح قاعدة اعتبار مقاصد التصرفات والافعال ، في التصرفات والعبادات والعقود والافعال ، ووجوب موافقة قصد المكلف لقصد الشارع ، والنظر في مآلات الأفعال ، كما تتطرق في فرع مستقل إلى قاعدة سد الذرائع فبين حكمها ، وانواع ذرائع الفساد والافعال المجرمة ، والأدلة على تحريم هذا النوع من الذرائع ، ثم تطرق إلى قاعدة الحيل ، وبين معنى التحيل وحكمه والأدلة على تحريمه . وختم هذا المبحث بمطلب أخير شرح فيه مبدا تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وادلته وامثلة وتطبيقات عليه .
الفصل الثاني تناول موضوع اركان الجريمة ، وقد تضمن المبحث الأول من هذا الفصل مناقشة تفصيلية للتقسيم الثلاثي للجرائم في الفقه الإسلامي إلى جرائم حدود وقصاص وتعزير ، فبين مظاهر القصور في هذا التقسيم من حيث التركيز على الجدود والقصاص وتعارضه مع عموم الشريعة الاسلامية ، وتطرق الكتاب إلى تقسيم مقترح للجرائم وفقا لمقاصد الشريعة فبين اصوله عند العلماء الغزالى والشاطبي وابن رشد ، وشرح هذا التقسيم شرحا تفصيليا وبين مميزاته التي تستوجب الأخذ به في كتب التشريع الجنائي الإسلامي . أما المبحث الثاني فقد تناول فلسفة القصد الجنائي في الشريعة الاسلامية وقد وضع هذا المبحث ولاول مرة نظرية علمية للقصد الجنائي في الشريعة الاسلامية موازية لنظرية القصد الجنائي في القوانين المقارنة بعنصريها العلم والارادة ، وبين موقف الفقه الإسلامي من نظرية العلم والارادة على نحو لم يسبق إليه .
الفصل الثالث والاخير تطرق إلى مجال العقل في التشريع الجنائي الإسلامي ، فبين دور العقل في النصوص الشرعية ، وانواع الأدلة الشرعية وكيفية تحقيق الدليل في الجزئيات ، ثم شرح تفصيلا مجالات العقل في النصوص الشرعية .
وفي الأخير أسأل الله تعالى أن يتقبل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن يكتب لي اجره إنه سميع مجيب
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.